المناسبة
لما ذكر الله تعالى فى أول السور صفات المؤمنين ، وأعقبها بصفات الكافرين ذكر هنا الصنف الثالت المنافقين
الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر
(( ومن النَاس منَ يَقُولُ آمَنَا باللَه ))
أى ومن الناس فريق يقولون بألسنتهم صدقنا بالله وبما أنزل على رسوله و من الأيات البينات d]وباليوم الآخر ]] أى وصدقنا بالبعث والنشور
وماهم بمؤمنين ]] أى وما هم على الحقيقة بمصدقين ولا مؤمنين ،لأنهم يقولون ذلك قولا لا إعتقادا ، وكلاما دون تصديق ]]
قال البيضاوى : هذا هو القسم الثالت المذبذب بين القسمين ، وهم الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ، وهم أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله ، لأنهم موهوا الكفر وخلطوا به خداعا واستهزاءا ، ولذلك أطال فى
بيان خبثهم وجهلهم واستهزأبهم وتهكم بأفعالهم ،وسجل عليهم الضلال والطغيان وضرب لهم الأمتال ed]يخادعون الله والذين آمنوا ]] أى يعملون عمل المخادع بإظهار مأظهروه من الإيمان مع إصرارهم على
الكفر ،يعتقدون بجهلهم أنهم يخدعون الله بذلك وأن ذلك نافعهم عنده ، وأنه يروج علي بعض المؤمنين وما علموا أن الله لا يخدع لأنه لاتخفى عليه خافية قال ابن كثير : النفاق هو إظهار الخير وإسرار الشر وهو
أنواع : إعتقادي وهو الذى يخلد صاحبه فى النار ، وعملى وهوأكبر الذنوب والأوزار لأن المنافق يخالف قوله فعله وسره علانيته ، وإنما نزلت صفات المنافقين فى السور المدنية لأن مكة لم يكن بها نفاق بل
كان خلافه
ومايخدعون إلا أنفسهم ]] أى وما يخدعون فى الحقيقة إلا أنفسهم لأن وبال فعلهم راجع عليهم ]]
ومايشعرون ]] أى ولايحسون بذلك ولايفطنون إليه لتمادى غفلتهم ، وتكامل حماقتهم ]]
فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ]] أى فى قلوبهم شك ونفاق فزادهم الله رجسا فوق رجسهم ،وضلالا فوق ضلالهم ن والجملة دعائية ]]
قال ابن أسلم : هذا مرض فى الدين وليس مرضا فى الجسد ، وهو الشك الذى دحلهم فى الإسلام فزادهم الله رجسا وشكا ،
ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ]] أى لهم عذاب مؤلم بسبب كذبهم فى دعوى الإيمان ، وأستهزائهم بآيات الرحمن ]]
ثم شرع تعالى فى بيان قبائحهم ، وأحوالهم الشنيعة فقال ed] وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض ]] أى إذا قال لهم بعض المؤمنين : لاتسعوا فى الأرض بالإفساد بإثارة الفتن ، والكفر والصد عن سبيل الله
قال ابن مسعود : الفساد فى الأرض هو الكفر ، والعمل بالمعصية ، فمن عصى الله فقد أفسد فى الأرض
قالوا إنما نحن مصلحون ]] أى ليس شأننا الإفساد أبدا ]]
وإنما نحن اناس مصلحون نسعى للخير والصلاح فلا يصح مخاطبتنا بذلك قال البيضاوى : تصوروا الفساد بصورة الصلاح ، لما فى قلوبهم من مرض