Dr.Insaf المدير العام
عدد الرسائل : 997 العمر : 41 الموقع : https://www.facebook.com/pages/Brush/187262171338671 المزاج : الحمد لله تمام احترام المنتدى : السنة الدراسية : Internal ship تاريخ التسجيل : 07/02/2009
| موضوع: فِي [ظِلال القُرآن]...{سُورةُ الفَاتحَـة... آية (4) (5) (6) (7)} الخميس مارس 12, 2009 4:53 pm | |
| مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
وهذه تمثل الكلية الضخمة العميقة التأثير في الحياة البشرية كلها كلية الاعتقاد بالآخرة . . والملك أقصى درجات الاستيلاء والسيطرة . ويوم الدين هو يوم الجزاء في الآخرة . . وكثيرا ما اعتقد الناس بألوهية الله , وخلقه للكون أول مرة ; ولكنهم مع هذا لم يعتقدوا بيوم الجزاء . . والقرآن يقول عن بعض هؤلاء: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن:الله). . ثم يحكي عنهم في موضع آخر: بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون:هذا شيء عجيب . أئذا متنا وكنا ترابا ? ذلك رجع بعيد !
والاعتقاد بيوم الدين كلية من كليات العقيدة الإسلامية ذات قيمة في تعليق أنظار البشر وقلوبهم بعالم آخر بعد عالم الأرض ; فلا تستبد بهم ضرورات الأرض . وعندئذ يملكون الاستعلاء على هذه الضرورات . ولا يستبد بهم القلق على تحقيق جزاء سعيهم في عمرهم القصير المحدود , وفي مجال الأرض المحصور . وعندئذ يملكون العمل لوجه الله وانتظار الجزاء حيث يقدره الله , في الأرض أو في الدار الآخرة سواء , في طمأنينة لله , وفي ثقة بالخير , وفي إصرار على الحق , وفي سعة وسماحة ويقين .
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)
وهذه هي الكلية الاعتقادية التي تنشأ عن الكليات السابقة في السورة . فلا عبادة إلا لله , ولا استعانة إلا بالله .
وهنا كذلك مفرق طريق . . مفرق طريق بين التحرر المطلق من كل عبودية , وبين العبودية المطلقة للعبيد ! وهذه الكلية تعلن ميلاد التحرر البشري الكامل الشامل . التحرر من عبودية الأوهام . والتحرر من عبودية النظم , والتحرر من عبودية الأوضاع . وإذا كان الله وحده هو الذي يعبد , والله وحده هو الذي يستعان , فقد تخلص الضمير البشري من استذلال النظم والأوضاع والأشخاص , كما تخلص من استذلال الأساطير والأوهام والخرافات . .
وهنا يعرض موقف المسلم من القوى الإنسانية , ومن القوى الطبيعية . .
فأما القوى الإنسانية - بالقياس إلى المسلم - فهي نوعان:قوة مهتدية , تؤمن بالله , وتتبع منهج الله . . . وهذه يجب أن يؤازرها , ويتعاون معها على الخير والحق والصلاح . . وقوة ضالة لا تتصل بالله ولا تتبع منهجه . وهذه يجب أن يحاربها ويكافحها ويغير عليها .
ولا يهولن المسلم أن تكون هذه القوة الضالة ضخمة أو عاتية . فهي بضلالها عن مصدرها الأول - قوة الله - تفقد قوتها الحقيقة . تفقد الغذاء الدائم الذي يحفظ لها طاقتها . وذلك كما ينفصل جرم ضخم من نجم ملتهب , فما يلبث أن ينطفيء ويبرد ويفقد ناره ونوره , مهما كانت كتلته من الضخامة . على حين تبقى لأية ذرة متصلة بمصدرها المشع قوتها وحرارتها ونورها: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله). . غلبتها باتصالها بمصدر القوة الأول , وباستمدادها من النبع الواحد للقوة وللعزة جميعا .
وأما القوى الطبيعية فموقف المسلم منها هو موقف التعرف والصداقة , لا موقف التخوف والعداء . ذلك أن قوة الإنسان وقوة الطبيعة صادرتان عن إرادة الله ومشيئته , محكومتان بإرادة الله ومشيئته , متناسقتان متعاونتان في الحركة والاتجاه .
إن عقيدة المسلم توحي إليه أن الله ربه قد خلق هذه القوى كلها لتكون له صديقا مساعدا متعاونا ; وأن سبيله إلى كسب هذه الصداقة أن يتأمل فيها . ويتعرف إليها , ويتعاون وإياها , ويتجه معها إلى الله ربه وربها . وإذا كانت هذه القوى تؤذيه أحيانا , فإنما تؤذيه لأنه لم يتدبرها ولم يتعرف إليها , ولم يهتد إلى الناموس الذي يسيرها .
ولقد درج الغربيون - ورثة الجاهلية الرومانية - على التعبير عن استخدام قوى الطبيعة بقولهم:"قهر الطبيعة " . . ولهذا التعبير دلالته الظاهرة على نظرة الجاهلية المقطوعة الصلة بالله , وبروح الكون المستجيب لله . فأما المسلم الموصول القلب بربه الرحمن الرحيم , الموصول الروح بروح هذا الوجود المسبحة لله رب العالمين .
اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)
وبعد تقرير تلك الكليات الأساسية في التصور الإسلامي ; وتقرير الاتجاه إلى الله وحده بالعبادة والاستعانة . . يبدأ في التطبيق العملي لها بالتوجه إلى الله بالدعاء على صورة كلية تناسب جو السورة وطبيعتها اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم , غير المغضوب عليهم ولا الضالين). .
(اهدنا الصراط المستقيم). . وفقنا إلى معرفة الطريق المستقيم الواصل ; ووفقنا للاستقامة عليه بعد معرفته . . فالمعرفة والاستقامة كلتاهما ثمرة لهداية الله ورعايته ورحمته . والتوجه إلى الله في هذا الأمر هو ثمرة الاعتقاد بأنه وحده المعين . وهذا الأمر هو أعظم وأول ما يطلب المؤمن من ربه العون فيه . فالهداية إلى الطريق المستقيم هي ضمان السعادة في الدنيا والآخرة عن يقين . . وهي في حقيقتها هداية فطرة الإنسان إلى ناموس الله الذي ينسق بين حركة الإنسان وحركة الوجود كله في الاتجاه إلى الله رب العالمين .
ويكشف عن طبيعة هذا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين). . فهو طريق الذين قسم لهم نعمته . لا طريق الذين غضب عليهم لمعرفتهم الحق ثم حيدتهم عنه . أو الذين ضلوا عن الحق فلم يهتدوا أصلا إليه . . إنه صراط السعداء المهتدين الواصلين . .
وبعد فهذه هي السورة المختارة للتكرار في كل صلاة , والتي لا تصح بدونها صلاة . وفيها على قصرها تلك الكليات الأساسية في التصور الإسلامي ; وتلك التوجهات الشعورية المنبثقة من ذلك التصور .
وقد ورد في صحيح مسلم من حديث العلاء بن عبد الرحمن مولى الحرقة عن أبيه , عن أبي هريرة عن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]:" يقول الله تعالى:قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين . فنصفها لي ونصفها لعبدي , ولعبدي ما سأل . . إذا قال العبد:الحمد لله رب العالمين . قال الله:حمدني عبدي . وإذا قال الرحمن الرحيم . قال الله أثني علي عبدي . فإذا قال:مالك يوم الدين . قال الله:مجدني عبدي . وإذا قال:إياك نعبد وإياك نستعين . قال:هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل . فإذا قال:اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . قال:هذا لعبدي ولعبدي ما سأل " . .
ولعل هذا الحديث الصحيح - بعدما تبين من سياق السورة ما تبين - يكشف عن سر من أسرار اختيار السورة ليرددها المؤمن سبع عشرة مرة في كل يوم وليلة ; أو ما شاء الله أن يرددها كلما قام يدعوه في الصلاة .
.
. | |
|
Dr.Dorsy المستشار
عدد الرسائل : 186 العمر : 36 الموقع : www.amic.ly العمل/الترفيه : Import Manager المزاج : Just Fine احترام المنتدى : السنة الدراسية : Internal ship تاريخ التسجيل : 08/02/2009
| موضوع: رد: فِي [ظِلال القُرآن]...{سُورةُ الفَاتحَـة... آية (4) (5) (6) (7)} الأحد مارس 15, 2009 3:14 pm | |
| بارك الله فيكِ وأثابك على المجهود الطيب Dr.Insaf دمتِ في رعاية الله :pirat: | |
|