المناسبة : لما ذكر الله تعالى من صفات المؤمنين فى الآيات السابقة أعقبها بذكر صفات الكافرين ليظهر الفارق الواضح بين الصنفين ِ على طريقة القرآن الكريم فى المقارنة بين الأبرار والفجار
{إِن الذِينَ كَفَرواْ سَوآءٌ عَلَيهِم ءَأَنذَرتَهُم أَم لَم تنذِرهم لاَيُؤمِنُونَ خَتَمَ الله عَلَى قُلُوبِهِم وَعَلَى سَمْعِهِم وَعَلَى أَبصَارِهِم غِشَاوةُ وَلَهُم عَذَابُ عَظِيم }
إن الذين كفروا}
أى إن الذين جحدوا بأيات الله وكذبوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم
{سواء عليهم }
أى يتساوى عندهم
{ أأنذرتهم أم لم تنذرهم }
أى سواء أحذرتهم يامحمد من عذاب الله وخوفتهم منه أم لم تحذرهم {لايؤمنون } أى لايصدقون بما جئتهم به فلا تطمع فى إيمانهم ولا تذهب نفسك عليهم حسرات وفى هذا
تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم عن تكذيب قومه له
ثم بين تعالى العلة فى سبب عدم الإيمان فقال { ختم الله على قلوبهم } أى طبع على قلوبهم فلا يدخل فيها النور ولايشرق فيها إيمان قال المفسرون : الختم التغطية والطبع
وذلك أن القلوب إذا كثرت عليها الذنوب طمست نور البصيرة فيها فلايكون للإيمان إليها مسلك ولا للكفر عنها مخلص كما قال تعالى { بل طبع الله عليها بكفرهم}
{ وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة }
أى وعلى أسماعهم وأبصارهم غطاء فلايبصرون هدى ولا يسمعون ولايفقهون ولايعقلون ، لأن أسماعهم وأبصارهم كأنها مغطاة بحجب كثيفة لذلك يرون الحق فلايتبعونه
ويسمعونه فلا يعونه قال أبو حيان : شبه تعالى قلوبهم لتأبيها الحق ، وأسماعهم لإضرابها عن سماع داعى الفلاح وأبصارهم لامتناعها عن تلميح نور الهداية ، بالوعاء المختوم
عليه المسدود منافذه ، المغطى بغشاء يمنع أن يصله مايصلحه وذلك لأنها كانت -مع صحتها وقوة إدراكها - ممنوعة عن قبول الخير وسماعه ،وتلميح نوره ، وهذا بطريق
الاستعارة {ولهم عذاب عظيم } أى ولهم فى الآخرة عذاب شديد لاينقطع ،بسبب كفرهم وإجرامهم وتكذيبهم بآيات الله.
.
.